السودان .. شيطان التفاصيل يتربص بالتسوية المرتقبة
الخرطوم – تانا 4 ميديا - رغم التفاهمات الكبيرة التي حدثت أخيراً بين المكون العسكري في السودان وقوى الحرية والتغيير بشأن معالجة الأزمة الممسكة بتلابيب البلاد، إلا أن تفاصيل كثيرة لا تزال تعيق الوصول إلى المرحلة النهائية من التسوية السياسية المرتقبة.
وبحسب مصادر سودانية تحدثت لـ«البيان»، فإن هناك الكثير من النقاط العالقة فيما يلي الدستور الانتقالي، وهيكلة الفترة الانتقالية واتفاق جوبا للسلام بحاجة للمزيد من البحث والنقاش، حتى لا تكون عقبة أمام الحكومة الانتقالية المقبلة. وتبذل أطراف عدة محلية ودولية جهوداً مكثفة من أجل إنهاء حالة السيولة السياسية في البلاد.
وتشكيل حكومة مدنية تملأ الفراغ السياسي والدستوري الحالي، غير أن مصادر بتحالف قوى الحرية والتغيير، أكدت لـ«البيان»، أنه ورغم التقدم المحرز بين الطرفين، إلا أن هناك قضايا لا تزال عالقة يجري التباحث حولها، أبرزها قضية مجلس السيادة وتكويناته، إذ يشدد المكون العسكري على ضرورة أن يتم تقليص عضوية المجلس، وأن يكون من الكفاءات المستقلة، لا سيما وأن مجلس السيادة يمثل القائد الأعلى للقوات المسلحة، فيما يرى آخرون أن تكون شخصية وطنية واحدة تمثل رأس الدولة يتم اختيارها بالتوافق.
وأضافت المصادر إن العسكريين متمسكون بضرورة ابتعاد السياسيين من شؤون المؤسسة العسكرية وعدم التدخل فيها بمثل ما ابتعدت المؤسسة العسكرية عن السياسة، وأن يترك أمر القوات المسلحة لما بعد الانتخابات، حتى تنظر فيه الحكومة المنتخبة. وأشارت المصادر إلى أن الأطراف لم تضع حتى الآن آلية للتعامل بشأن قضية شرق السودان، إذ إن القضية تمثل تحدياً أساسياً في ظل التجاذبات بين مكونات الإقليم ورفض اتفاق مسار الشرق المجمد حالياً.
وقالت إن هناك تفاصيل أخرى لا تزال عالقة ويتطلب حسمها المزيد من الجهد والوقت، لا سيما قضية العدالة، والعدالة الانتقالية التي لم يتم تحديد رؤية واضحة بشأنها، كما أن هناك تحفظات وصفها بالموضوعية طرحت من قبل المكون العسكري بشأن الدستور الانتقالي المقترح من قبل نقابة المحامين.
وكذلك فيما يلي الرؤية التي تقدمت بها قوى الحرية والتغيير بشأن إدارة الفترة الانتقالية، وتوقعت أن تستغرق النقاشات في تلك القضايا وقتاً أكثر، خصوصاً وأنها قضايا أساسية يتطلب حسمها نقاشات واسعة بين الأطراف المختلفة حتى لا تمثل عقبة أمام الحكومة الانتقالية المقبلة.
بدوره، يؤكد الخبير العسكري ساتي سوركي لـ«البيان» أن اشتراطات المكون العسكري التي أعلن عنها رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة عبدالفتاح البرهان ستمضي، كما أن وثيقة الدستور المقترحة من قبل نقابة المحامين لن تكون هي المرجعية الوحيدة للدستور الانتقالي، باعتبار أن هناك مكونات أخرى طرحت مقترحات حول الدستور الانتقالي، بجانب قضية القوات المسلحة والمساس بها، وهي من الخطوط الحمراء بالنسبة للمؤسسة العسكرية، وحال تنازل عنها البرهان ستتم مواجهته من قبل القوات المسلحة، على حد قوله.
وأكد سوركي أن هناك أولويات يجب الارتكاز عليها في أي اتفاق يمكن التوافق عليه، تتمثل في توسعة مناقشة دستور الفترة الانتقالية، بجانب الصمت عن القوات المسلحة وتركها لتنظيم وترتيب صفوفها، كما فعلت ذلك مرات عدة بعد الاستقلال، بالإضافة إلى التوافق على حكومة كفاءات، وأن تبعد الأحزاب السياسية عن إدارة الفترة الانتقالية، وضرورة أن يتم التوافق على آلية مستقلة لاختيار رئيس الوزراء وأعضاء حكومته، دون أي تدخلات من قبل الأحزاب السياسية.