جريزلدا الطيب .. رحلة عشق حتى الممات
الخرطوم – تانا 4 ميديا
ها هي جريزلدا الطيب تتوسد ثرى طالما عشقته، قبل أن تطأه أقدامها منذ أكثر من 77 عاماً، حينما تعلق قلبها بذاك الفتى القادم من أرض الغابة والصحراء شمال خط الاستواء، وهي تلك الصبية التي شبت في مدينة الضباب عند بلاد الصقيع، وها هو الموت يغيب نهار الجمعة جريزلدا الطيب عقيلة العلامة السوداني الراحل عبد الله طيب بعد حياة رصعتها بالوفاء والحب للسودان وأهله.
حزن السودانيون والوسائط تتناقل خبر التحاق جريزلدا برفيق حياتها البروفسور عبد الله الطيب، وهم يستذكرون قصة وفاء قل أن يوجد لها المثيل، إذ ظلت جريزلدا وفيه لزوجها الراحل، فرفضت مغادرة السودان بعد رحيله في العام 2003، بل أوصت بأن تدفن بجوار قبره مقابر (حلة حمد) بمدينة الخرطوم بحري، بعد أن حددت موقع قبرها ليحتضنهما ذات التراب الذي عشقاه سوياً.
ونعى رئيس وأعضاء مجلس السيادة الانتقال للشعب السوداني جريزلدا الطيب، التي قال إنها أسهمت في التوثيق للحياة السودانية من خلال رسوماتها ولوحاتها الفنية التي عبرت عن ثراء الثقافة السودانية وتنوعها.
وتسابق تلاميذ ومحبو زوجها الراحل إلى منزلها الذي طالما شهدت ردهاته الأدب يتدفق على زواره، وحفظت جنباته كنوزاً من الدرر اللغوية والأدبية، إذ ظلت جريزلدا الحارس الأمين لتلك المقتنيات الفريدة، الجميع يعزي نفسه، فالبروفسور عبد الله الطيب، وعقيلته وهبا حياتهما لخدمة السودان وأهله.
لم يدر بخلد طالبة الفنون الجميلة بجامعة لندن البريطانية جريزلدا بأن الأقدار تخفي لها ما يجعلها تترك الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وتهاجر بأمر الحب جنوباً لتستقر في إحدى مستعمرات البعيدة، إذ كان العام 1945 فاصلاً في حياتها، بعدما جمعتها الصدفة بوفد سوداني قدم للدراسة بجامعة لندن، وكان من ضمن ذلك الوفد الطالب حينها عبد الله الطيب المنحدر من (التميراب) إحدى القرى الغربية للنيل قبالة مدينة الدامر.
تعلق قلب جريزلدا بالبروفيسور عبد الله الطيب وتوجا حبهما بالزواج الذي استمرت وشائجه حتى رحيل العلامة الطيب في العام 2003، نعم رحل الطيب عن دنيا الناس إلا أن جريزلدا ظلت هي الزوجة الوفية، حيث عكفت على حفظ وصيانة مقتنياته الثمينة من الكتب والمراجع التي أفنى عمره قارئاً ومؤلفاً وشارحاً لمضامينها.
وقفت جريزلدا بكل صلابة في مواجهة لصوص الكتب على حد قولها في مقابلة سابقة أجرتها معها (البيان)، وخاضت معارك قانونية ضارية في سبيل استعادة (المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها) أحد أبرز الكنوز العلمية التي ألفها شريك حياتها الراحل، وتضيف في ذات المقابلة «بعض كتب البروفيسور عبد الله الطيب تعرضت للسرقة».