انسحاب وتراجع .. جينات الانقسام السوداني تضرب الوسطاء الدوليين
الخرطوم - تانا 4 ميديا
مساء الثلاثاء الماضي ودون سابق انذار يخرج رئيس بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان محمد بلعيش ليحدث الحاضرين أن الاتحاد الإفريقي عن الشفافية، الصدق وعدم الإقصاء، قبل أن يعلن وبناء على توصيات من القيادة الافريقية فإن الأخير لن يشارك في حوار الآلية الذي تغيب عنه الشفافية ويقصي بعض المكونات المؤثرة سياسياً في السودان.
وقتها خرجت وسائل الاعلام بخبر انسحاب الاتحاد الافريقي عن الآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيجاد من أجل تسهيل طريق وصول السودانيين لحل للأزمة السياسية في بلادهم .
قبل أن يشاهد البعض فيديو اعلان انسحاب الاتحاد الافريقي من الألية كانت أخبار أخرى مصدرها ذات الرجل في الخرطوم تنفي خبر الانسحاب قبل ان يعود ليصدر بيانا ينفي فيه انسحابه من الألية ويقول إن تصريحاته تم تأويلها ولم تنقل بدقة بحسب مكتب الاتصال الأفريقي بالخرطوم
وكان محمد بلعيش قال في مؤتمره الصحفي الذي عقده أمس بالخرطوم، بعد لقاء مع قوى الحرية والتغيير- جناح التوافق الوطني، أكد أنه "قرر بناء على توجيهات القيادة الأفريقية، أنه لا داعي مستقبلا، لا داعي لحضور أي اجتماعات يطبعها التمويه، والمراوغة وعدم الشفافية، في جو إقصائي".
وفُهمت تصريحات المسؤول الأفريقي على نطاق واسع، على أنها انسحاب من الآلية الأممية - الأفريقية للحوار بين الفرقاء السياسيين في السودان، اعتراضها على سير الاجتماعات، وهو ما نفاه اليوم الاتحاد الأفريقي، في توضيح أكد وجود خلاف داخل الآلية الثلاثية.
المفارقة أن الرجل أطلق تصريحاته أثناء تواجده في اجتماع لقوى الحرية والتغيير الوفاق الوطني والتي ينظر إليها بأنها داعمة لقرارات 25 أكتوبر التي توصف بأنها انقلاب على الوثيقة الدستورية التي ساهم الاتحاد الأفريقي في وقت سابق في انجازها ودعم أطراف العملية السياسية للتوقيع عليها في أغسطس من العام 2019.
أثار اعلان الانسحاب ومن ثم التراجع عنه جدل في الاوساط السودانية، وتم ربطه بحالة الانقسام السياسي بين المكونات ففي الوقت الذي وجد ترحيباً من قوى الحرية والتغيير الوفاق الوطني، لجهة أن القرار يتواءم مع رغباتها الرافضة للقاءات المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي بل ان القيادي في قوى الوفاق حاكم اقليم دارفور، أعتبر الخطوة ايجابية وتقطع الطريق على ان تكون الألية الثلاثية هي ألية فولكر الساعي لإعادة مجموعة الاربعة للمشهد السياسي وهو أمر قد يكون أكثر سوءاً من واقع ما قبل قرارات اكتوبر.
في وقت غرد فيه قائد قوات الدعم السريع نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو بضرورة وجود الاتحاد الافريقي في مشهد التفاوض السوداني فهو ضلع مهم ولا يمكن الاستغناء عنه.
فيما بدا وكأن موقف الاتحاد الافريقي بمثابة تدشين لما أطلق عليه البعض رابطة مشجعي الاتحاد الأفريقي في السودان، حيث اعتبر الأمين العام لمجموعة الوفاق الوطني مبارك أردول ما حدث بأنه موقف مشرف من الاتحاد الافريقي يشبه إفريقيا التي ظلت تناضل من اجل احترام الارادة والسيادة الوطنية لدول الاتحاد. وأكمل اردول المحاولات المكشوفة لتزوير إرادة السودانيين في الحوار وخلق منابر موازية لن يقود إلا لمزيد من تعقيد الأزمة السياسية في البلاد، تعطيل الحوار الشامل الذي يجمع كل الأطراف والانزواء في حوار دكاكيني لن يفلح من يرعونه في أن يفرضوا لشعبنا.
بالنسبة لمراقبين فإن ما حدث مؤشر خطير على تمدد حالة الانقسام السوداني، التي لم ينج منها حتى وسطاء الأزمة السياسية الذين صاروا يحتاجون لوسيط يقرب الشقة فيما بينهما حتى لا تصل الأوضاع إلى مرحلة الآلية الثلاثية جناح المجلس المركزي والآلية الثلاثية جناح الوفاق الوطني .
بعيداً عن قرار الانسحاب ومن ثم الانسحاب عنه من قبل المبعوث الافريقي فأن الحقيقة الماثلة الآن هي ان جينات الانقسام السوداني ضربت حتى وسطاء معالجة الانقسامات فيما بينهم، بل ان حتى الموظفين الإقليمين باتوا يتحدثون بلغة النخبة السودانية فيما يتعلق بنقل الإعلام لتصريحاتهم.