العنف.. طلقات جديدة نحو صدر الثورة السودانية
الخرطوم "تانا 4 ميديا" - عقب قرارات 25 أكتوبر التي وصفها البعض بـ"الانقلابية" وفي ظل مقاومة الشارع لإعادة البلاد لسيطرة العسكر، كان كافٍ أن تعلن لجنة مقاومة ود مدني الخروج للشوارع في موكب فيأتيها الرد من بري ومن العباسية ومن الفاشر ومن نيالا ومن بورتسودان ومن أمبدة ومن بحري ومن أمدرمان جنوب ومن شرق النيل بعبارة واحدة "لن نترككم تسيروا وحدكم".
في ليل الاثنين المتأخر أصدرت تنسيقية لجان مقاومة الدّيوم بياناً قالت فيه " لن نسير خلف الحرية والتغيير في أي من دعواتها"، وأوضحت أنها تنأى بنفسها عن الصراعات السياسية والتكتلات الحزبية، وأن شوارع الثورة ليست ميداناً للمعارك السياسية والتكتلات الحزبية، معلنة رفضها إقامة أي حزب لمنصة جماهيرية في محطة "باشدار" لكونها منطقة خاصة بلجان المقاومة.
واضطر موكب قوى الحرية والتغيير" المجلس المركزي" الذي وصل ساحة "باشدار" لمغادرتها إلى تقاطع شارع 41 بالعمارات، وذلك في أعقاب حدوث مناوشات بين قيادات الموكب ومجموعات مدنية استخدمت فيها الحجارة والسكاكين، وتم إطلاق الغاز المسيل للدموع وهو المشهد الذي ربما ينقل الثورة السودانية السلمية نحو مربع جديد ويبعدها عن تحقيق أهدافها
وتشهد تيارات مقاومة الحكم العسكري في السودان تصدعاً بين مكوناته بسبب اختلاف الرؤى بينها فيما يتعلق بالتعامل مع المكون العسكري وهو التصدع الذي تم التعبير عنه من خلال المعركة بين دعاة التغيير الجذري ومن يسعون لتحقيق ما اصطلح على تسميته بالهبوط الناعم، وهو التصدع الذي يستفيد منه وبشكل أساسي المكون العسكري في إحكام سيطرته على البلاد .
ويفسر مراقبون المعركة التي تدور الآن بأنها معركة بين قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والحزب الشيوعي السوداني، ومنذ ان غادر الأخير التحالف الذي ساهم في إسقاط سلطة البشير تبنى مواقف رافضة حد المطالبة بإسقاط الحكومة الانتقالية تحت مبررات أنها عجزت عن تحقيق أهداف ثورة ديسمبر، معتبراً إن اللجنة الأمنية لنظام البشير ودعاة التسوية والهبوط الناعم هم أعداء الثورة الذين يجب مواجهتهم .
يوم الأحد أعلن الحزب الشيوعي عن تشكيل ائتلاف “التغيير الجذري ووحدة قوى الثورة” الذي ضم أكثر من 10 أجسام مهنية وفئوية بينهم مفصولي الشرطة تعسفياً، واتحاد مزارعي الجزيرة، الاتحاد النسائي إضافة إلى أسر الشهداء، وأحد فصيلي تجمع المهنيين السودانيين
وقال محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة في الحكومة المنقلب عليها والقيادي في مركزي الحرية والتغيير تعليقاً على ما جرى في موكب الثلاثاء " لن نخُوضَ مواجهةً ضد أحدٍ سوى سلطةِ الانقلاب وحلفائها من نظامِ الثلاثين من يونيو 1989."، وتبدو تغريدة ود الفكي متماهية مع اتهامات البعض لقوى الانقلاب في الاستثمار في خلق فجوة بين مكونات المقاومة كما أن استخدام المسدسات بحسب ما نقل البعض في المواجهات يشبه سلوك النظام السابق في مواجهة الحراك السلمي .
لما حدث فض اعتصام القيادة ضربت لي صديقة في الساعات الأولى ... وقالت لي اتحرك ضروري تساعد في إجلاء المصابين.. وفعلا تحركت وحاولت اجلاء بعض المصابين والمصابات... وأثناء عملي قام (الجنجويد) بضرب العربية فتهشم الجزء الأمامي منها... ولما وديتا للميكانيكي وعرف ان الجنجويد هم من قام بذلك، أصر أن يصلحها مجانا... وقتها كانت الدنيا لا تزال ثورة.
واليوم قرب باشدار هشم (الثوار) زجاج باب العربية بعد رجمها بكثافة بالحجارة.. وكان معي بعض المشاركات في الوقفة .. وصلت البيت وبخير... لكن معقول امشي اقول لشركة التأمين (الثوار) كسروا قزاز شباك عربيتي؟ يتساءل القيادي صلاح الأمين.
ويزيد مشهد اليوم من المخاوف من انحراف ديسمبر عن مسارها المحدد لبناء سودان للحرية السلام والعدالة في وقت يتم فيه تداول الاتهامات التي تشير إلى تورط قوى سياسية في تقسيم الشارع ومحاولات اختطاف لجان المقاومة التي تنظم الحراك الاحتجاجي المستمر لقرابة 10 أشهر. وينظر لما حدث اليوم بأنه يأتي في سياق نفس المعركة.
ويحذر نشطاء القوى السودانية المختلفة من مغبة إعادة نفس الأخطاء السابقة بقيادة لجان المقاومة نحو ذات مصير تجمع المهنيين السودانيين وهي الخطوة التي سيستفيد منها وبالقدر الأكبر القوى المناهضة للثورة وهي القوة الناجحة الآن في تحقيق ما ترغب فيه وعلى رأسه تفتين قوى الثورة من داخلها التفتيت الذي يقول البعض أنه لن يتوقف عند حد اللجان ويتجاوزها إلى السودان.