الســودان .. "سـلـة" مبـــادرات العــالم
الخرطوم - تانا 4 ميديا - السودان "سلة مبادرات العالم" عبارة سبق وأن رددها في وقت سابق المحلل السياسي والكاتب الصحفي الدكتور خالد التجاني الذي يرأس تحرير صحيفة "ايلاف" الاقتصادية أطلق وصفه كبديل موضوعي لتعريف السودان في كونه "سلة غذاء العالم".
المفارقة أن أخر التقارير تقول بأن أكثر من 15 مليون سوداني يهددهم خطر الجوع، والأسباب الجفاف والتصحر بفعل الطبيعة لكن الأسباب الأكثر وضوحاً هي تلك المتعلقة بغياب الاستقرار السياسي الحروب النزاعات وارتفاع معدلات من غادروا مناطقهم نازحين بسبب النزاعات الأهلية والصراع القبلي.
لكن بعيداً عن "المجاعة" كمهدد للسودانيين يتم الجدال بكثافة حول مبادرة "اهل السودان" التي طرحها الخليفة الشيخ الطيب الجد ود بدر من أجل تحقيق التوافق بين المكونات السودانية بعيداً عن تنامي الدور الخارجي في تحديد مسارات المشهد السوداني .
وقبل أن ينتهي الجدل حول مبادرة الشيخ ود "بدر" وقبل أن تغادر صور "ام ضواً بان" وسائل التواصل الاجتماعي احتشد (التايملاين) السوداني بصور ورشة الاطار الدستوري للانتقال التي تقيمها اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، وُجهت الدعوة لمراكز الدراسات والأبحاث والمنظمات الدولية والإقليمية لتشهد على الفعالية وتؤكد استقلالية الورشة التي تشارك فيها بفاعلية قيادات تحالف الحرية والتغيير "المجلس المركزي" التي أعلنت غيابها عن التمثيل في مبادرة الشيخ الجد ووصفتها بمحاولة لإعادة انتاج الانقلاب.
حسناً ليس بالإمكان تقديم احصائية دقيقة لحجم المبادرات التي تم تقديمها في الفترة الأخيرة بغية ايجاد حلول للازمة السودانية، منذ مبادرة رئيس الوزراء المقال اولاً والمستقيل بعد عودته عبد الله حمدوك لدعم الانتقال في السودان ومبادرة الهادي ادريس ومالك عقار ومبادرة العسكريين أنفسهم وتحركات السفراء المعتمدين الذين يتحولون بمجرد وصولهم الخرطوم إلى "جودية" والمبادرة الثلاثية المدعومة دولياً.
مُنذُ الاستقلال ظل “السلام” مفردةً على طاولة المفاوضات، أروقة الفنادق، وبين سماء عواصم عديدة، أما على الأرض لا يزال حُلمًا لدى النازحين واللاجئين، وعلى الرغم من هز الثورة السودانية لعرش عهدٍ من الاستبداد امتد لثلاثين عاماً، إلا أن قضية السلم لم تبارح مكانها علينا فقط أن نخبركم بأن عدد الاتفاقيات التي تم توقيعها من أجل السلام بلغت 40 اتفاقية وذلك دون حساب اتفاقيات السلام في الجنوب المنفصل او تلك التي تسعي من أجل رأب الصدع بين القبائل التي تتبادل الموت .
ولتأكيد فرضية تعدد المبادرات في السودان رفض تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير " التوافق الوطني " دعم مبادرة الشيخ الجد لأنه يملك مبادرة للحلول قدمها وليس بعيداً عن ذلك فقد اصدر تجمع المهنيين الذي يدير الصفحة الرسمية في الفيسبوك وبعد فوزه بانتخابات ساهمت لاحقاً في انشقاق التجمع إعتذاره عن المشاركة في ورشة البناء الدستوري وذلك بسبب أنه يملك رؤية للبناء الدستوري سبق وأن تقدم بها لقوى الثورة في وقت سابق.
وتفسر ظاهرة تعدد المبادرات المقدمة لحلول الأزمة السودانية بأنها نتاج لتعدد المشكلات ولوصول البلاد إلى نفق مسدود يصعب الخروج منه إلا بتوافق بين كافة المكونات في الجانب الأول لكن في جانبها الثاني تعبر كذلك عن أزمة غياب التوافق وعن عدم قبول الأخر وعن افتراض أي من الاطراف أنه يمتلك الحقيقة المطلقة وأنه وحده من سيقدم الحل المنتظر.