Loading alternative title

في ذكرى كرري .. ما زال الرجال أحياء وفي البسالة بقية

alternative title
في ذكرى كرري .. ما زال الرجال أحياء وفي البسالة بقية

الخرطوم - تانا 4 ميديا - ذات سبتمبر اليوم وقبل (124) عامًا كان  خليفة المهدي حاكم أول  دولة سودانية مستقلة عبد الله التعايشي يحفز جنوده من أجل خوض معركة الكرامة ضد جيوش الغزاة بقيادة اللورد كتشنر، في معركة "كرري" أخبر الرجل أنصاره يومها قائلًا : " لا نصر ولكننا سنقاتل"  يومها  لم يفعل  الرجال شيء غير أنهم  صعدوا فوق جبال البسالة تسلحوا بسيوف العشر وقابلوا الموت مثل الاشجار واقفين .

الرجال على الأقدام والأمراء على الخيول والجمال، جميعهم اندفعوا صوب جبال كرري الشاهقة، بصدق وفدائية " في شان الله .. في شان الله" كما رددوا، وهنا صدر الأمر الملكي بفتح نيران البوارج ورشاشات المكسيم، على جيوش المهدية، وبدأت المذبحة، كل قذيفة انطلقت يومها خلّفت عشرات القتلى، دون أن يمنع ذلك اندفاع الأنصار، ينافحون دون جدوى لإطلاق ذخيرتهم القديمة الرَّديئة العديمة الأثر، يضربون الطبول ويلوحون بالأعلام ويكبرون كأنه عرس تخضبت له الأرض بالدماء، حتى إن الأمير الشَّهيد إبراهيم الخليل، مضى يشق الصفوف من فوق جواده، شاهراً عبارته الخالدة "الخـيرة في ما اخـتار الله، نصرة ما في، إلا نِحنا قدَّنا بنسدُّو ".

يومها كان كلما سقط صف من الأنصار ردد الذي من خلفه "سدو الفرقة" كان موت كوراليًا يشبه شجاعة من سعوا إليه كان  بالنسبة للانصار الذين يرتدون الجلاليب "المرقوعة" متعددة الألوان قمة النصر الذين يسعون إليه  وهو الموت فداء الدين والوطن سدوا يومها فرقة الموت من أجل أن يخلدوا في الحياة كأكثر  الرجال شجاعة وبسالة بسألة جسدها فنان  السودان الأول الراحل محمد وردي حين أنشد "كرري تحدث عن رجال كالأسود الضارية" حين سد الفرسان فرقة الموت خرج المثل الأشهر "الرجال ماتوا في كرري" .

لكن ذلك لم يكن صحيحاً  فمن غادروا الحياة كاتبين  لذاتهم الخلود وباعتراف الغزاة أنفسهم حين قالوا في مذكراتهم "هؤلاء أشجع رجال قابلناهم.. لم نهزمهم ولكنا قتلناهم".

وكتب المراسل الحربي الذي رافق الحملة جي. دبليو. ستيفنس إن جاز لي اليوم أن أقول قواتنا قد بلغت الكمال فلابد لي أن أعترف بأن المهدويون بروعتهم فقد فاقوا حد الكمال، لقد كان جيش السودانيين في  كرري من أعظم وأشجع الجيوش التي حاربناها طوال مواجهتنا الطويلة في حروب المستعمرات.. كلما تساقط قتلاهم بمدافع المكسيم كانوا يجمعون صفوفهم ويتقدمون نحونا بجسارة فائقة.. نعم كانت كرري هي  آخر أيام المهدية ولكنها كانت بحق أعظمها على الإطلاق.

بالطبع لم تنتهي عظمة البسالة السودانية ولم يمت الرجال في كرري فقد نقلوا جيناتهم للأحفاد لخوض معارك أخرى بذات البسالة القديم، بعد ربع قرن من كرري المعركة كان الضابط عبد الفضيل ألماظ  ورفاقه يخوضون معركة أخرى ضد المحتل  بعدد  قليل وبعزيمة لا تلين يحاربون يسقط الرجل محتضناً  مدفعه لأخر لحظة وهو يردد  لم يمت الرجال في كرري ولم تمت مقاومة الصلف والظلم .

الرجال الذين ظننا أنهم ماتوا في كرري يعودون في ذات ديسمبر بعد 114 عاماً ليواجهوا عسف ابناء البلد وسلطتهم يصنعون ثورتهم من العدم  يهتفون في شوارع أمدرمان والخرطوم وبحري  الشعب يريد اسقاط النظام تحصدهم مدافع حكومة أولاد البلد لكنهم لا يتراجعون يواصلون مسيرتهم  تمتلئ الشوارع بدمائهم  والبيوت بدموع أمهاتهم كانت سبتمبر كرري أخرى وكان الرجال هم السودانيون بعضهم لم يبلغ الحلم  ولكنه وصل  بالبسالة لحدها في سبتمبر كان سيف العشر أخضر هو الزي المدرسي فعل الاحفاد مثلما فعل  الأسلاف كانوا هم "هزيمة الهزيمة" .

أن كانت كرري تحدث عن رجال فمن لم يشاهدهم في ذلك العهد سيراهم رأي العين في  ديسمبر  الثورة  كان  الاحفاد  يرتدون ذات مرقوعة الصمود  يجرون نحو مصدر الرصاص وليس منه  كان كل واحداً منهم أمة يعرف متى يسد الفرقة كانت في شان الله  تظهر في "ما بنخاف ما بنخاف" كانت سيوف العشر هي  المواكب التي يهتف من يقودونها "رص العساكر رص" كانت كرري  في "التروس" وكانت في صورة الشهيد عباس فرح الذي يسقط هو ليبقي ترسه شامخاً يردد "الترس ده ما بنشال الترس ده وراه رجال"   لتجد نفس ملامح  البسالة والشجاعة.

  • شارك على:

شبكات التواصل الإجتماعي

انضم لنا على الفيسبوك

@ Tana4MediaSD

تابعنا على تويتر

@ tana4media

تابعنا على الانستغرام

@ tana4media

شاهدنا على اليوتيوب

@ channelUCCZ_l1_2woyVL7b2pf93dpQ
image title here

Some title